♠♠
أذن الفجر فأسرع الى المسجد لتلبية نداء الحق ، ولما إنتهى من الصلاة
وأذكارها ، جرى أمام عينية شريط حياته تذكر طفولته كيف كانت ، في بيت بلا
أب وأم تفعل كل شئ ، وأي شئ حتى لا يجوع أولادها وعاش طفوله كانت من الممكن
ألا تجعله كما هو الأن ، فقد رأى وهو صغير أن أمه تأخذ لهم الطعام وتدفع
الثمن قبلات للبائعين ، فهي جميلة تركها الأب الي الدنيا لعدم قدرته على
الإنفاق عليها وعلى أولاده ، ولا يهمه كيف تدبر حالها ، ولا كيف تربي أطفال
بلا معين لها إلا جمالها وجسدها ، رحل هو وأزاح عن كاهله المسئولية وظلت
هي تتنقل بأولادها من غرفة الى غرفة ، ثم كان شارع الهرم هو العمل الذي
استقرت فيه ، تحسنت الأوضاع عندها بعض الشئ ، وأنتقلت لأول مرة للسكن في
شقة ، وصمم هو وكذلك أخواته على ضرورة أن لا يستسلموا للظروف ، ذاكروا
وأجتهدوا، ورغم أن ظروف بطل القصة كانت تأهله ليكون أحد أولاد الشوارع
الفاسدين ، إلا أن الله بفضله رعاه ، ومرت السنوات والأم تدفع جسدها ثمناً
لكي لا يحتاج أولادها ، وفجأة ظهر الأب في حياتهم ، لم يشعر أحداً منهم
بالحنين له ، ولا يريده أحداً أن يدخل حياتهم ، وتودد هو إليهم ، خصوصاً قد
أصبح صاحب تجارة كبيرة ، ويركب سيارة بسائق ، إلا أن القلوب لا يفتحها إلا
الذي خلقها ، ينظر الأبناء الي الأم ، وكم هي عانت وتحملت قسوة الحياة ،
ودفعت ثمن سعادتهم ولم تمن عليهم بل كانت تسعد كلما تقدم أحدهم في علمه
وحياته ، وماتت الأم ثم مات الأب ، ولأول مرة جمعهما الإبن في قبر واحد ،
ومرت سنوات ليصيح الأبناء بفضل الله من الأعلام ، وسأل نفسه لماذا شريط هذه
الأحداث يمر أمام عينية اليوم ، وهو قد نسي كل الماضي وكذلك أخوته ، تذكر
أنه رأى طفل يعبث في صناديق القمامه يبحث عن شئ يأكله ، أو شئ ينفعه ،
فقال: وهو يغادر سيارته الفارهه ، في ذلك اليوم كان من الممكن أن أكون مثله
في يوم من الأيام ، ولكن الله سلم ، ولما عاد من المسجد عكف على كتابة ،
مشروع تتبنى به الدولة أولاد الشوارع ، وأرسله الي دولة رئيس الوزراء ،
والح عليه ، أن يصبح هذا المشروع ، أولوية لابد من الأخذ بها حتى تحافظ
الدولة على أبنائها ، فإنهم بهذا الشكل يصبحوا قنابل موقوته قد تنفجر في
المجتمع ، فيؤدي به الي الهلاك.
إرسال تعليق