على ضفاف النهر كانت تسكن مع اهلها في قرية صغيره .
عبير من اسرة فقيره لكن طموحها كان كبيرا بحجم الافق.
بسط الزمان لها الطريق كي تحقق ماتستطيع من احلامها .سارت بطموحها نحو الافق، لأنها عنيده.
-١-
عبير احبت الزهور فكانت متألقة مثلها .وعشقت النهر فكانت تنساب في قلوب من حولها ،حلمت بان تواصل تعليمها حتى تصبح دكتورة عظيمة في المستقبل.
ومرت الايام مسرعة تتسابق مع حلم عبير. فكان لها ما تمنت وثابرت وسعت بكل ما حباها الله من صبر .
تعبت كثيرا حتى نالت شهادتها بتفوقها المعهود ، وهاهي الان تبدا مشوارا جديدا بحياتها في مشفى العاصمة تتقدم من نجاح لآخر ومن تألق لاخر.
راقبت نجاحاتها كثير من العيون وانتظر تطورات حياتها العديد من الرجال في المدينه املا منهم ان تكون من نصيبهم لكنها لم تكن يوما تفكر في الزواج.
ذات يوم وخلال زيارتها لمرضاها توجه اليها رجل اسمه زاهر ليطمئن عن حالة امه ،وكان زاهرفي نفس سنها تقريبا وبنفس طموحا ،التقيا فتلاقت تطلعاتهما وبدأ كل منهما يعزف سنفونية حب على انفراد.
تكرر مجئ زاهر الى المشفى وكثر سؤاله لأمه عن تلك الدكتورة الشابة الجميلة وكانت امه تسرد له كل ماتعرف،ومع كل كلمة تقولها كان الحب يتوغل ويسري واخذت الاحلام ترسم حبا جميلا في قلبه.
تحسنت حالة الام بسرعة مما لفت انتباه عبير .
توجهت عبير نحو الأم وسألتها عن صحتها وكأنها تلمح ان في الأمر سر.
وبقلب الأم اجابتها ....
يابنيتي انني اكثر سعادة من اي وقت فإبني زاهر قد تحرك قلبه للحب وبات متلهفا له،ولكم تمنيت ان أرى زاهر عريسا فلطالما تمنيت وابوه ذلك.
سألتها عبير بلهفة وقالت. .
ياخاله ومن صاحبة الحظ السعيد التي ستظفر بقلب رجل وسيم وانيق وناجح كالسيد زاهر.
تبسمت أم زاهر وقالت. ..
انتي يابنيتي....نعم انتي فإبني كان يأتي لزيارتي رغم انشغالة ويجلس كثيرا ويطلب مني ان احدثه عنك ، ولأنني أمه عرفت منذ البداية انه قد تعلق بك وفتن بك وانك قد تسللتي لأعماقه .
خجلت عبير واحمرت وجنتاها وقالت....
لا اخفيك سرا انني لم افكر في امر الحب والزواج الا عندما رأيت زاهر.
قاربت الام المسافات بينهما وشرع زاهر وعبير للزواج، فكان لهما ما تمنوه وبدأ الاثنان مشوارهما هذا معا.
عاش الاثنان شهر عسل رائع جدا تناثرت على دربهما ورود الحب واستقى الاثنان اجمل اللحظات جمعتهما الاقدار على بساط الحب والطموح تناسقت الاشواق بينهما
حتى دقت ساعة العمل وانتهى حلم العسل وكان كلاهما رغم الحلاوة متلهفا ليوم غد الذي سيذهب كل منهما لعمله.
مر اليوم ولم يلتقي الزوجان الا في أواخر المساء حيث عاد كل منهما متعب من يوم عمل شاق جدا،تبادلا القليل من القبل وناما .
واستمر هذا الحال حتى ضهرت علامات الحمل عند عبير .
فرحت عبير كثيرا وارادتها مفاجأة لزوجها وحبيبها .
ظلت تفكر وتفكر قبل عودة زاهر الى البيت كيف ستخبره بالأمر ،ماذا ستكون ردة فعله، تخيلت الابتسامة والتعجب والفرح تخيلت انه سيطير لكنه سيحملها معه قبل ان يطير من الفرح. تخيلت وتخيلت لكن زاهر لم يعد الا وقد نامت عبير.
صبيحة اليوم التالي استيقضت عبير واول ما رأت كان ورقة مكتوب فيها عزيزتي قد اغيب ليومين او ثلاثة لا تقلقي فانا قد سافرت لعقد صفقة مهمه.
تنهدت وبكت ومسكت على بطنها وشكت لوليدها مما يفعله ابوه .
لكنها تحاملت واجلت الفرحة حتى يعود زاهر .
عاد زاهر من رحلته مكللا بصفقة العمر التي لم تأبه لها عبير وقاطعت فرحته ظنا منها انه سيفرح اكثر فقالت لزاهر انها حامل.
عم الهدوء وتعالت ضحكات زاهر فرحا بهذا الخبر امسك بعبير وقبلها وحملها وتراقصا الاثنان فرحا وقال لها انك اجمل واغلى امرأة على قلبي،هل اخبرتي والدتي بالامر .
قالت عبير ..لا لم اخبر احدا لتكون انت اول من يعلم.
وبسرعة امسك زاهرهاتفه واتصل لامه يبشرها .
اخذ زاهر زوجته وذهبا للعشاء في افخم مطاعم المدينة وكانت ليلة لا تنسى اعادت ذكريات شهر العسل كما كانت اخر مرة يخرج الاثنان فيها للعشاء سويا.
زادت انشغالات زاهر بعد صفقتة الجديدة ،وتجمد الوقت عند عبير بعد حملها وكانت في كل يوم تتعب وهي منتظرة زاهر واحيانا لايعود. حتى ترائى لها انه لم يعد يحبها،احست بجفاف عاطفتها معه خصوصا عندما وضعت وليدها وزاهر لم يكن موجودا بجانبها .
مر شهرين بعد ولادة يوسف
فأخذت عبير وليدها وتركت البيت وعادت لعملها،وبعد مضي اسبوع اتصل بها زاهر يعترف بتقصيره ويبرر بانشغاله والتزاماته لكنها قالت سوف تنتهي علاقتنا هنا فإنني ان كنت صفقة بحياتك ستهتم بي وتكترث لأمري اكثر مما كنت وانا زوجتك وام ابنك.
توسلت الأم لزوجة ابنها ان تحافظ على بيتها واسرتها توسلتها حتى ان ترى حفيدها يكبر امام عينيها،توسلت وتوسلت ،لكن عبير لم تكن ترضى ابدا.
ومثلما كانت بدايتهما سريعة كانت النهاية سريعة ايضا.
انتهى زواجهما فعلا وذهب كل منهما في عمله.
-٢-
رافق الارق كليهما وقطع الحزن قلبيهما على طفلهما الذي سيعيش يتيما وابوه موجود .
كان ضمير كل منهما يؤنب وبشدة ،حتى تصور الألم في يوسف ذلك الطفل الذي جاء من حب جميل جدا لكنه انتهى في صمت فقد خلق الطفل فاقدا لنعمة الكلام يبحث عن ترجمان بينه وبين عالمه ويبحث عن الكلام ليكون ترجمان بين ابوين اشقياه بفراقهما. حتى أحس كل من عبير وزاهر انهما على خطاء وان الاقدار ساقت لهما كل اسباب الفرح لكنهما رفضا الا ان يكون الفرح منقوصا واعادا ترتيب بيتهما ليكونا هما ترجمان يوسف وكلماته.
..+..+..+..+..+..+..+..+..
للكاتب رامي مختار المقطري


إرسال تعليق