GuidePedia

0


************( قالوا في الزَمانِ و أهلِه )*************

سألَ عبدُالملكِ بن مَروان مَسلَمَةَ بن يَزيد - و كانَ
منَ المُعَمِّرين - فَقالَ : أيّ المُلوكِ رأيتَ أكمَل ؟
و أيّ الزَمانِ رأيتَ أفضَل ؟ فَقالَ : أمّا المُلوك فَلَم
أرَ إلّا حامِداً أو ذامّاً ، و أمّا الزَمان فَيرَفَعُ أقواماً
و يَضَعُ أقواماً ، و كلُّهم يَذُمُّ زَمانَه ، لإنَّهُ يبلي جَديدَهم
، و يُفَرِّقُ عَديدَهم ، و يُهرِمُ صَغيرَهم ، و يُهلِكُ كَبيرَهم .
و قالَ جَعفَر الشَيبانيّ : أتانا أبو مَيّاس الشاعر و نَحنُ
في جماعة ، فَقالَ : ما أنتم فيه ؟ قلنا : نَذكرُ الزَمانَ
و فَسادَه ، قالَ : كَلّا.. إنَّ الزَمانَ وِعاء ، و ما أُلقِيَ
فيه من خَيرٍ أو شَرٍّ كانَ على حالِه ، ثمَّ قالَ :

أرى حُـلَـلاً تُـصـانُ عـلـى رِجــالٍ
و أخـــلاقَــاً تُـــــذالُ و لا تُــصــانُ
يَــقـولـونَ الــزَمــانُ بِـــهِ فَــسـادٌ
و هُم فَسَدوا و ما فَسَدَ الـــزَمانُ
و قالَ الإمامُ الشافعيّ :

نَـعـيـبُ زَمـانَـنـا و الـعَـيـبُ فـيـنـا
و مــــا لِـزَمـانِـنـا عَــيـبٌ سِــوانـا
و نَـهـجو ذا الـزَمـان بِـغَـيــرِ ذَنــبٍ
و لــو نَـطَـقَ الـزَمـانُ لَـنـا هَـجـانـا
و لـيسَ الـذئـبُ يـأكُـلُ لَحمَ ذِئــبٍ
و يــأكُــلُ بَـعـضُـنا بَـعـضـاً عِــيـانــا
و قالَ ابنُ الروميّ :

دَهـــرٌ عـــلا قَـــدرُ الـوَضـيـعِ بِــهِ
و غَــدا الـشَريفُ يَـحُطُّهُ شَـرَفُهْ
كـالـبَـحـرِ يَــرسُـبُ فــيـهِ لــؤلـؤهُ
سُــفـلاً و يَـطـفـو فَــوقَـهُ جِـيَـفُهْ
و قالَ عروَة بن الزبير : الناسُ بِزَمانِهم أشبَهُ
بِآبائِهم . أخَذَهُ المُتَنَبي فَقالَ :

و شِـبـهُ الـشَيءِ مُـنجَذِبٌ إلـيهِ
و أشــبَـهُـنـا بِــدُنـيـانـا الــطَّـغـامُ
و دَهــــرٌ نــاسُــهُ نـــاسٌ صِــغـارٌ
و إن كـانَـت لَــهـم جُـثَـثٌ عِـظامُ
و مــا انـا مِـنهُمُ بـالعَيشِ فـيـهِـم
و لـكـن مَـعـدَنُ الـذَهَـبِ الـرَّغــامُ
و قالَ ابو العَتاهية :

كَفاكَ عَنِ الدنيا الذَميمَةِ مُخبِراً
غِـنى بـاخِليها و افـتِقارِ كِـرامِها
و أنَّ رِجالَ النَفعِ تَحتَ مَداسِهـا
و أنَّ رِجـالَ الـضُرِّ فَـوقَ سَنامِها
فقلتُ :

رُدّوا عـلى لـيلى الـسَلامَ و نَـبِّئوا
مـــن أيـــنَ أوجــاعُ الـنَـوازِفِ تَـنـبُعُ
هِــيَ شَـيبَةٌ نَـزَلَت بِـرَأسِكَ بـاكِراً
مَـدهـوشَةً تَـنـعى صِـبـاكَ الأَدمُـعُ

هِــيَ عَـبـسَةُ الأيّــام ِ بَـعدَ مَـودَّةٍ
و مَــــرارَةُ الـكَـمَـدِ الــتـي تَـتَـجَـرَّعُ
لِــلـغَـدرِ وَقــــعٌ لا مَـحـالَـةَ مُــوجِـعٌ
والـغَدرُ مـن طَـرَفِ الأصاحِبِ أوجَعُ
و عَــداوَةُ الأغــرابِ نِـصـفُ مُـصيبَةٍ

و خِـيـانَةُ الـقُـربى أشَــدُّ و أفـظَـعُ
و مِــنَ الـصَـداقَةِ مــا تَـعاظَمَ ضُـرُّهُ
و مِــنَ الـعَـداوَة ِ مـا يَـسُرُّ و يَـنفَعُ
لا تـأسَـفَنَّ عـلـى الـدُنا مُـتَحَسِّراً

ما في الدُنا لِأُولي البَصائِرِ مَطمَعُ
يـومـاً تَــؤولُ الــى الـزَوالِ و أهـلُها
لا تَـفـرَحَـنَّ بِــمـا تُـقـيـمُ و تَـجـمَـعُ
لا يَـخـدَعَـنَّكَ مــن عَــدوِّكَ زُخــرُفٌ
لـيـسَ الـمُـجَرِّبُ بِـالمَظاهِرِ يُـخدَعُ

و اللهُ لا يَـنسى الـعِيالَ و لم يُضِعْ
يَـهَبُ الـعَطاءَ لِـمَن يَـشاءُ و يَـمنَعُ
و هــو الـمُهيمِنُ و الـخَلائِقُ كـلُّها
لِـقَـضـائِهِ طَــوعـاً و كَــرهـاً تَـخـضَعُ

اسـلِمْ لِـحُكمِ اللهِ شـيمَتُكَ الـرِضا
مــــا شـــاءَ رَبُّـــكَ نــافِـذٌ لا يُــدفَـعُ
سُـبـحـانَهُ فـــوقَ الـخَـلائِقِ قـاهِـرٌ
و يَـرى و يَـعلَمُ مـا نُـسِرُّ و يَسمَعُ

هــذي الـحَـياةُ و سُـنَّـةُ اللهِ الـتي
نَــفـذَت و نَــحـنُ مُـــودِّعٌ و مُـــوَدَّعُ


*****للشاعر اسامة سليم*****

إرسال تعليق

.
 
Top